
عامر الكبيسي : أخطرُ ما على لسان العرب !! أفتح الآن التحدي أمام كل الأرض وأقول إن فن " الخط العربي " هو أدق فن
عرفته البشرية حتى اليوم ، في ضبط مسافاته وهندسته وبنائه ، وأن أي انحرافٍ
في رسم بعضه ولو قيد أنملة يفسدهُ عن قاعدته ولا قيمة له ولكاتبه ، و
الضّعف مآلُ وصفه ، وهو مما لا يتوفّر بفنٍّ آخر سواه، وهو كذلك مما لم
يحسن المسلمون تسويقه !!!
ثم أفتح تحديا ثانيا في سوق العالم كله ،
وأقول : إن الشعر العربي الذي وصل إلينا هو أدق كلام موزون ومنضبط عرفته
البشرية ، ولا يمكن إطلاقا الخروج على بنائه الصحيح بنظمه العلمي قيد حرف
أو نصف حرف أو ربع حرف كحركة وأقل من الربع كالسكون !! ، ولا تمتلك أمة من
الأمم هذا الانضباط الصارم في نطق شعرها .والخط والشعر هما " جوانب " إبداعية من لسان العرب ، وليست الأصل ، بل كأنهما غطاء أو ملابس للأصل وثمة أغطية جميلة العمق في الأدب والبيان واللغة.
من كان قبلنا وجودوا أن سماع أبنائهم للغة بدأ يضعف فلا يفرقون بين " ما أجملُ السماءِ" و" ما أجملَ السماءَ " بالرفع والفتح !! وتأثيره على معنى المراد من الكلام ، فالأولى للسؤال ، والثانية للتعجب !!
عندها خافوا جدا على فساد لسان العرب ، فنقلوها من " السماع " إلى "التقعيد والسماع" أي جعلوا لها قاعدة تضبطها لتحفظها من الضياع ، فوصلوا لمنتهى العلم فيها ، وقالوا الكلام " إسم وفعل وحرف " وقالوا شرحاً : هو 1- اللفظ 2- المركب 3- المفيد 4- بالوضع !! وكل كلمة فيها شرح طويل .
ما هو المطلوب منا الآن كحاملين للسان العرب وأهميته العظيمة لنحو " ربع الكرة الأرضية " فكل مسلم يعرف قيمة " لسان العرب " ناهيك عن " الطامعين " الذين يحتاجونه لطمعهم فيه .
علينا أن نفهم جيدا أن هذا الزمن قد ضاع فيه السّماع للسان العرب الصحيح ، وصعب فيه " التقعيد " أي انضباط اللغة على ما كان قبلها بقواعدها لصعوبة بناء هذه القواعد في هذا الزمن !!
وعليه وجب علينا أن نعيد اللغة العربية بطريقة " ولّادة " وأعلى ولادةٍ للسان العرب اليوم هي أن نجعلهُ " كحاضنٍ للعلوم " وهذا أخطر التحديات وأبلغُ تجلّياتها .
وقد بحثت في هذا الموضوع ، و وجدتُّ الحلّ الكبير ، الذي أنْتهجهُ الخليفة " أبو جعفر المنصور " يوم أراد أن يبدأ مسيرة العلوم في بغداد ، ونقل اللغة من سمتها " القدْسي القرآني الأدبي " إلى لغة العلوم فبدأ مشواراً رائعا كتب له الصعود في بضع سنين معتلياً مدارج النجاح
أتى بالمترجمين من اللسان الفارسي والسنسكريتي " هند " والكلداني وعشرات الألسن الأخرى ، وحول معاني العلوم التي تمتلكها تلك الأمم إلى " العربية " برسومها ومعانيها وخرائطها ، لأن خطورة العلم تكمن في فهم السياق منه !! وصنع " مجمّعًا " أو بيتا ، لجمع ما استحدث من هذه الصنعة ، فكان في هذاالبيت علومٌ لا تنتهي ، وترجمة لا تتوقف ، حتى بدأ بعدها " العلم التجريبي " وهو أول خطوة في باب العلم الصحيح وهو : أنك تجرب العلم وتراقب سلوكه ليكون لك قانون فيه.
وفهم السياق من مقصد العلم لا يكون إلا بفهم تامٍّ للغته كما قال ابن خلدون رحمه الله ، وهذا ما يقع فيه " العرب " اليوم !! وذاك أنهم يقرؤون علما " هندسة طب جيولوجيا " بمصابرة على فهم " العلم " وفهم سياق اللغة منه ، فينحدر المستوى ، في صنعة العلم نفسها فلا يفهمون لغة ، ولا يتقنون علما !!!
وهنا أهديكم أسماء المترجمين الذين عينهم أبو جعفر المنصور رحمه الله ، لينقلوا العلوم من اللغات إلى العربية ، ولتبدأ بعدها مسيرة الإبداع
كان أشهر النقلة من الفارسية إلى العربية: ابن المقفع، والفضل بن نوبخت، وموسى ويوسف: ابنا خالد، وكثير غيرهم
ومن الذين نقلوا عن اللغة السنسكريتية (الهندية) : منكة الهندي، وابن دهن.
ومن الذين نقلوا عن اللغة النبطية (الكلدانية) : ابن وحشية، نقل كتبا كثيرة.
أهمها: كتاب الفلاحة النبطية.
ولقد بلغ عدد الكتب التي نقلت في تلك الحقبة القصيرة بضع مئات.
اضغط هنا للذهاب إلى الموقع الأصلي لهذا المقال
منشور by عامر الكبيسي.